شتاء دون ندفة ثلج

أجلس تحت شجرة البيت بيدي كتابي و أتأمل السماء التي التهم نصفها الشجر من زاوية النظر خاصتي، تغمرني على حين غفلة نسمة هواء باردة فتحملني معها إلى أيام طفولتي مع سؤال كيف هو الشتاء في حياة تلك الطفلة الصغيرة التي كنتها؟

فاضت الذكريات مع تساؤلي هذا.. تبدأ صورة ذكريات الشتاء لدي في عيد الاضحى حينما كنت قد بلغت الثامنه قبل ثلاثة اشهر،

وفي صقيع ديسمبر يتراءى لي منظر جدي مشمراً عن ساعديه محاولاً بذلك أن يذبح الأضحية بمعاونة من أبي وخالي الأكبر،

اتذكر اختيالي أمامهم بفستاني الجديد، كنت سعيدة وقتها أجوب البيت ذهاباً واياباً ابتداء من زاوية الذبح الى المطبخ حيث احاديث جدتي وخالاتي وتقطيع لحم الاضحية الأولى ،وأنا بينهم في اثناء انشغال الجميع احاول سرقة الحلوى التي ستقدم بعد قليل ثم اهرب دون أن ينظر احدهم لهذه الصغيرة في الأسفل.

أترك اريج الصغيره هناك واقفز لذكرى أخرى تبدأ بصراخ جدي" جاء الظهر و مامشينا" أدرك أنها التاسعة صباحاً وأنا أركب في صندوق سيارة جدي (الجمس) مع خالي الذي يكبرني بثلاث اعوام والاحفاد الذين كان عددهم آنذاك لا يتجاوز الخمسة، ويجلس في باقي المقاعد خالاتي وفي الأمام كلياً جدي وجدتي وبينهما الصندوق العجيب الذي يضع به جدي الاشياء لكي تبقى دافئة او باردة وتتغير صفتها نظراً للفصل الذي نمر به، اتذكر صندوق البرتقال الذي يجلس بجانبي طوال الرحلة واتذكر كم مره قررنا تناول حبات منها يتبعها صراخ جدي ما أن يفوح عبق البرتقال ارجاء السيارة، أضحك مدركة أن لذة البرتقالة في اختلاسها منه لا في أكلها بعد سماحه، واتذكر جلياً واضحاً بعد وصولنا  أننا نجلس تحت شجرة كبيرة آسره نستظل بها من الشمس العامودية علينا واشم مع هذا المشهد رائحه الاكل الذي يطهى على قدر كبير أمامنا، كان هاجسي وقتها هو ماذا لو سقطت به ؟ وتثير رعبي الفكره اكثر كلما تخيلتها، كان كبيراً بشكل مهول، رأيته وأنا في العشرين في خلفية بيت جدي ولم اجده مهيباً كما كان. ادركت حينها كيف لمخاوفنا أن تتقلص بمجرد أن نكبر، حاولت استعداء ذكريات أكثر عن الشتاء وأنا لا ازال تحت الشجرة مطرقة رأسي للأعلى فقفزت لي شتاءات أريج الشابه في ارجاء المكان لكنه ليس وقتها إنها تدوينة عن الصغيرة التي كنتها أما عن شبابي فسأذكره في مشيبي يوماً ما.